وهو قول مقاتل (١). وقال في رواية عطاء: يريد: وحددناها.
وقال مجاهد: ﴿وَفَرَضْنَاهَا﴾ يعني الأمر بالحلال والنهي عن الحرام (٢).
وهذا يعود إلى معنى: أوجبناها. ويجوز أن تكون بمعنى التبيين.
والنكتة في التفسير ما ذكره أبو علي من أن هذا من باب حذف المضاف (٣).
٢ - قوله عزّ وجل: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ ذكرنا الكلام في وجه ارتفاع الزانية عند قوله ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ الآية [المائدة: ٣٨] (٤).
﴿فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ معنى الجلد في اللغة: ضرب الجلد.
يقال: جلده؛ إذا ضرب جلده. كما تقول: رأسه وبطنه، إذا ضرب رأسه وبطنه (٥). وليس حكم (٦) الآية على ظاهرها (٧)؛ لأن جلد المائة ليس

(١) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣٤ أ.
(٢) رواه الطبري ١٨/ ٦٥، وابن أبي حاتم ٧/ ٦ أ، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ١٢٤ وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) انظر: "الحجة" لأبي علي الفارسي ٥/ ٣٠٩.
(٤) "الزانية" رفع بالابتداء، وفي خبرها وجهان:
أحدهما: أنه محذوف. قال سيبويه ١/ ١٤٣: كأنَّه لما قال -جل ثناؤه-: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ قال: في الفرائض الزانية والزاني، أو: الزانية والزاني في الفرائض. اهـ. وقدَّره بعضهم: فيما يتلى عليكم الزانية.
الثاني: أن خبره جملة الأمر ﴿فَاجْلِدُوا﴾، ودخلت الفاء لشبه المبتدأ بالشرط. وهو
قول الفراء والزجاج والمبرد والزمخشري وغيرهم. انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٤٤، "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٢٨، "مشكل إعراب القرآن" لمكي بن أبي طالب ٢/ ٥٠٨، "الكشاف" ٣/ ٤٧، "البيان" للأنباري ٢/ ١٩١، "البحر المحيط" ٦/ ٤٢٧، "الدر المصون" ٨/ ٣٧٩.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري ١٠/ ٦٥٦ (جلد).
(٦) (حكم) ساقطة من (أ).
(٧) لو قيل: وليس حكم، والآية على عمومها لكان أولى.


الصفحة التالية
Icon