الآية (١)، وهي كالإنكار عليه شدة حرصه؛ وذلك أنه كان يعلم أن الله عز وجل إن لم يهدهم لم يهتدوا فما يغني عنه (٢) حرصه على إيمانهم، واشتداد تكذيبهم عليه (٣).
قال ابن عباس في قوله: ﴿بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾: قاتل نفسك (٤).
قوله تعالى: ﴿أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ قال أبو إسحاق: موضع (أن) نصب مفعول له، المعنى: لعلك (٥) قاتل نفسك لتركهم الإيمان (٦).
ثم أعلم عز وجل أنه لو أراد أن ينزل ما يضطرهم إلى الطاعة لقدر على ذلك إلا أنه عز وجل تعبدهم بما يستوجبون به الثواب مع الإيمان، ولو نزل على كل من عَنَدَ عن الحق عذابٌ لخضع مضطرًّا، وآمن إيمان من لا يجد مذهبًا عن الإيمان (٧)، وهو قوله:
٤ - ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ قال ابن

(١) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٠٧ أ.
(٢) هكذا في جميع النسخ: عنه. وفي "الوسيط" ٣/ ٣٥٠، عنهم، وهي أولى.
(٣) "تفسير مقاتل" ٤٨ أ. بمعناه. و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٤٧٠.
(٤) أخرجه ابن جرير ١٩/ ٥٨. وأخرجه عبد الرزاق، في تفسيره ٢/ ٧٣، عن قتادة، وعنه ابن جرير ١٩/ ٥٨. وهو في "تفسير مقاتل" ٤٨ أ. وأخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٤٨، عن مجاهد. ثم قال: "وروي عن الحسن، وعكرمة، وقتادة، وعطية، والضحاك مثل ذلك". وذكره الثعلبي ٨/ ١٠٧ أ، ولم ينسبه. وذكر الماوردي ٤/ ١٦٤، عن عطاء وابن زيد: مخرج نفسك. وذكره الطوسي ٨/ ٤، عن ابن زيد، بلفظ: مخرج نفسك من جسدك.
(٥) في نسخة (أ)، (ب): أهلك.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٨٢. ونحوه في "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٥، وعنه ابن جرير ١٩/ ٥٩. واختار النحاس قول أبي إسحاق، في "إعراب القرآن" ٣/ ١٧٤.
(٧) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٨٢، باختصار.


الصفحة التالية
Icon