بالجزم (١)، ولهذا أيضًا حُمل:
إنك إن يُصرعْ أخوك تصرعُ (٢)
ونحوه على التقديم (٣)، فإذا كان حكم الفاء في الجزاء ما ذكرنا وكانت إذا بمنزلتها في قوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: ٣٦] وقوله: ﴿وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾ [التوبة: ٥٨] بان أن عمل إن منقطع عما بعد الفاء من هذه الأفعال لخروج الفعل الذي بعدها [أن يكون جزاء] (٤) ووقوعه في موضع خبر المبتدأ يوضح ما ذكرنا أنك لو جئت بمثال المستقبل بعد الفاء لم يجزمه، لا تقول: إن تأتني فأكرمك كما تقول: إن تأتني أكرمك، وفي امتناع هذا دلالة على أن الفعل بعد الفاء منقطع عن عامل الجزم، فإذا انقطع عنه لم يجز أن يقع الماضي موقع المستقبل على حد ما كان يقع قبل أن تقطع الفاء وتحجز عمل الجازم، وإذا كان كذلك ثبت أنه على خلاف ما ذهب إليه أبو إسحاق،

(١) بالجزم قراءة حمزة والكسائي. "السبعة في القراءات" ٢٩٩، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٢١٦، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٢٧٣.
(٢) أنشده كاملاً سيبويه، "الكتاب" ٣/ ٦٧، ونسبه لجرير بن عبد الله البجلي، وصدره:
يا أقرع بن حابس يا أقرع
ثم قال سيبويه: أي: إنك تُصْرَعُ إن يُصْرَعْ أخوك. وفي الحاشية: كان جرير البجلي تنافر هو وخالد بن أرطأة الكلبي إلى الأقرع بن حابس التميمي المجاشعي، وكان عالم العرب في زمانه فقال جرير هذا عند المنافرة. وأنشده المبرد، "المقتضب" ٢/ ٧٢، ولم ينسبه، وفي الحاشية: استشهد به سيبويه على التقديم والتأخير، والتقدير عنده: إنك تُصرع إن يصرع أخوك.
(٣) وقد استشهد به المبرد على ذلك، وذكر غيره "المقتضب" ٢/ ٧٢.
(٤) ما بين المعقوفين، غير موجود في كتاب أبي علي.


الصفحة التالية
Icon