(إِنَّهُ) كناية عن الشأن والأمر، أراد: الشأن والأمر (أَنَا الله) وقد ذكرنا نظائر هذا عند قوله: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ﴾ [الحج: ٤٦] وفي مواضع (١).
وقال الفراء: هذه الهاء عماد، وهو اسم لا يظهر (٢). وعلى هذا الهاء ليست بكناية (٣)، ولكنها عماد تذكر تأكيدًا.
١٠ - قوله: ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ في الآية محذوف؛ تقديره: فألقاها فصارت حية تهتز ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ وحذف فألقاها؛ لأنه ذُكِر في سورتين؛ الأعراف، والشعراء (٤).
﴿كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ قال الليث: الجانّ: حية بيضاء (٥). وقال ابن شميل: الجانّ حية أبيض دقيق أملس لا يضر أحدًا، وجمع الجانّ: جنان (٦).
وفي الحديث: نهى عن قتل جنان البيوت؛ وهي حيات بيض تكون
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٧، وفي الحاشية: هو المعروف عند البصريين بضمير الشأن. وذكر ذلك الطوسي، فقال: يسميها البصريون: إضمار الشأن والقصة. "التبيان في تفسير القرآن" ٨/ ٧٧. واستظهر هذا القول أبو حيان ٧/ ٥٥. وهو قول البيضاوي ٢/ ١٧١.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢١ ب. قال ابن الجوزي ٦/ ١٥٦: وعلى قول السدي: هى كناية عن المنادي؛ لأن موسى قال: من هذا الذي يناديني؟ فقيل: ﴿إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ﴾. وصحح كونها كناية القرطبي ١٣/ ١٦٠.
(٤) في سورة الأعراف [١٠٧] والشعراء [٣٢] ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾ وفي سورة: طه [١٩، ٢٠] ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾.
(٥) "العين" ٦/ ٢١ (جن)، ونقله الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٠/ ٤٩٦.
(٦) في "تنوير المقباس" ٣١٦: حية لا صغيرة، ولا كبيرة. وكذا في "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٧. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٢. ولم أجده في "تهذيب اللغة".