وقوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ﴾ قال الفراء: (إِلَى) من صلة الإرسال والبعث، المعنى: مرسلًا إلى فرعون أو مبعوثًا، فترك ذكر الإرسال والبعث؛ لأن شأن موسى في أنه كان مبعوثًا إلى فرعون معروف (١).
١٣ - قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ أي. بينة (٢) واضحة، كقوله: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ٥٩] وقد مَرَّ (٣). قالوا هذا الذي تراه عيانًا ﴿لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ كقوله: ﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام: ٧٨] وقد مر (٤).

=وهي أن الله تعالى مسخ أموالهم حجارة من النخل والدقيق والأطعمة والدراهم والدنانير، وهذا الذي ذكرنا أجود ما قيل في تفسير الآيات. "البسيط" ٣/ ١٦٥ ب، النسخة الأزهرية. ويعني بالطمس قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: ٨٨]. ومن جعل الآية التاسعة: الطمس، أو: نقص الثمرات، فلا تعارض بينهما، لما في ذلك من التلازم، والله أعلم.
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٨، بمعناه. وكذا ابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" ٢١٧. وذكره أبو علي، "الإيضاح العضدي" ١/ ٢٦٥. وكذا الثعلبي ٨/ ١٢٢ أ.
(٢) أخرجه ابن جرير ١٩/ ١٤٠، عن ابن جريج.
(٣) قال الواحدي في تفسير هذه الآية:
قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ قال ابن عباس: يريد كانت لهم عيانًا، وقال قتادة: بينة، وقال مجاهد: آية مبصرة، قال الأخفش: المُبْصِرةُ: البَيِّنَة؛ كما تقول المُوضِحَة والمُبَيِّنَة، فعلى هذا أبصر واقع بمعنى بصر، وقال الفراء: جعل الفعل لها، ومعنى ﴿مُبْصِرَةً﴾: مضيئة، كما قال تعالى: ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ [يونس ٦٧] أي مضيئًا، قال الأزهري: والقول ما قال الفراء، أراد آتينا ثمود الناقة آية مبصرة، أي مضيئة، وقد ذكرنا هذا في سورة يونس، وفي هذه السورة عند قوله: ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ١٢].
(٤) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال أبو بكر بن الأنباري: إنما قال: هذا، =


الصفحة التالية
Icon