أن سليمان وجنوده كانوا ركبانًا ومشاة على الأرض، ولم تحملهم الريح؛ لأن الريح لو حملتهم بين السماء والأرض ما خافت النمل أن تتوطَّأهم بأرجلهم (١). ولعل هذه القصة كانت قبل تسخير الله تعالى الريح لسليمان.
قال المفسرون: طارت الريح بكلام النملة فأدخلته أذن سليمان (٢). قال ابن عباس: وذلك أن الله تعالى أعطى سليمان زيادة في ملكه، لا يذكره أحد من الخلق إلا حملت الريح ذلك الكلام إليه حتى يسمعه، فلما سمع كلام النملة تبسم (٣).
وفي هذه الآية ذكر أنواعٍ من المعجزة لسليمان؛ وهي: معرفة النمل لسليمان وجنوده، وكلامُ النملة للنمل، وفَهْمُ النمل عنها ما حذرتهم من الحطم؛ لأنها لما سمعت كلام النملة دخلت المساكن، وسماعُ سليمان كلام النملة.
١٩ - قوله تعالى: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا﴾ يقال: بَسَم يَبْسِم وابتَسَم وتبَسَّم يتَبَسَّم، إذا أبدى عن أسنانه، وكَشَّر للضحك (٤).
قال أبو إسحاق: أكثر ضحك الأنبياء التبسم، و ﴿ضَاحِكًا﴾ حال مؤكدة؛ لأن تبسم بمعنى: ضحك، هذا كلامه (٥). ومعناه: أن التبسم عبارة
(٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٤ أ. و"الماوردي" ٤/ ٢٠٠. و"تفسير الوسيط" ٣/ ٣٧٣.
(٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٢٣ أ. وظاهر الآية أنه سمع كلام النملة لقربه منها. والله أعلم.
(٤) "تهذيب اللغة" ١٣/ ٢٣ (بسم).
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١١٢. قال ابن الأنباري: منصوب على الحال المقدرة، وتقديره: فتبسم مقدرًا الضحك. ولا يجوز أن يحمل على الحال المطلقة؛ لأن =