قوله تعالى: ﴿عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ يعني: العاصين بإتيان الرجال في أدبارهم. قاله الكلبي ومقاتل (١). قال الكلبي: فاستجاب الله دعاءه فبعث جبريل في اثني عشر ملَكًا فذلك قوله:
٣١ - ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ قال ابن عباس: بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب (٢) ﴿قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ﴾ يعنون قرية لوط (٣) ﴿إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ يعني: مشركين. وما بعد هذه الآية مفسر في سورة: هود (٤)، إلى قوله: ﴿وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾
٣٣ - ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ﴾ يعني: بناتك. قال المبرد: الكاف في ﴿مُنَجُّوكَ﴾ مخفوضة، فلم يجز أن يعطف الظاهر على المضمر المخفوض لعلة ذكرناها في قوله: ﴿تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١] (٥) فحمل الثاني على المعنى فصار في التقدير: وننجي أهلك ومنجون أهلك، وهذا جائز مستحسن (٦)

(١) "تفسير مقاتل" ٧٢ ب. وفي "تنوير المقباس" ٣٣٤: المشركين.
(٢) تفسير ابن جرير ٢٠/ ١٤٧، والثعلبي ٨/ ١٥٩ أ، ولم ينسباه.
(٣) "تفسير مقاتل" ٧٣ أ. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٥٩ أ.
(٤) الآيات ٦٩ - ٨٠.
(٥) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: (قرأ حمزة: ﴿وَالْأَرْحَامَ﴾ بالعطف على المكنَّى في ﴿بِهِ﴾ كما يقال: سألتك بالله والرحمِ، ونشدتك بالله والرحمِ، وإنما حمله على هذه القراءة ما ورد في التفسير أن المشركين كانوا يقولون: نناشدك بالله والرحم.. ثم قال: وضعف النحويون كلهم هذه القراءة، واستقبحوها..) وراجع باقي كلامه في الموضع المذكور.
(٦) مستحسن، غير موجودة في نسخة: (ب).


الصفحة التالية
Icon