[الأنعام: ٣٧] وقد تقع آية على لفظ الواحد ويراد به كثرة؛ كما جاء: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً﴾ [المؤمنون: ٥٠] واختار أبو عبيد الجمع؛ لقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (١) قال أبو علي: وهذا لا يكون دلالة على ترجيح القراءة بالجمع؛ لأنهم إنما اقترحوا آية فقيل: الآيات عند الله، أي: الآية التي اقترحتموها وآيات أُخر لم تقترحوها عند الله، وهو القادر على إرسالها، إذا شاء أرسلها، مع ما ذكرنا أن لفظ الواحد قد يراد به كثرة (٢).
﴿وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ يريد: أُنذر أهلَ المعصية بالنار، وليست إنزال الآية بيدي. قال مقاتل: فلما سألوا الآية قال الله تعالى:
٥١ - ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ أي: أو لم يكفهم من الآيات القرآن ﴿يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ فيه خبر ما قبلهم وما بعدهم ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ أي: في إنزال الكتاب عليك ﴿لَرَحْمَةً﴾ لمن آمن به وعمل به (٣) ﴿وَذِكْرَى﴾ وتذكيرًا وموعظةً، ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ قال مقاتل: وكذبوا بالقرآن فنزل:
٥٢ - ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا﴾ (٤) أي: الله شاهدًا بيننا أني رسوله (٥)، وكفى هو شاهدًا ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وشهادة الله له إثباتُ المعجزة له بإنزال الكتاب عليه. ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ﴾ قال

(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٣٥، ولم يصرح باسم أبي عبيد، بل قال: وحجة الإفراد أن في حرف أُبي زعموا، وصرح بذكر أبي عبيد الثعلبي ٨/ ١٦٢ أ.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٣٥.
(٣) "تفسير مقاتل" ٧٤ ب.
(٤) "تفسير مقاتل" ٧٤ ب.
(٥) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٦٢ أ.


الصفحة التالية
Icon