وقوله: ﴿مَا لَكُمْ﴾ يعني كفار مكة ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ قال ابن عباس: يريد غيره (١). ﴿مِنْ وَلِيٍّ﴾ قريب ينفعكم في الآخرة، ويرد سخطه عنكم. قاله ابن عباس ومقاتل (٢). ﴿وَلَا شَفِيعٍ﴾ من الملائكة وغيرهم يشفع لكم. ﴿أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ أفلا تتعظون.
٥ - قوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ فيه قولان للمفسرين وأصحاب المعاني: أحدهما: قول ابن عباس في رواية عطاء قال: ينزل القضاء والقدر من السماء إلى الأرض] (٣) ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ يريد يرجع إليه ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ من أيام الدنيا. وهذا القول اختيار صاحب النظم، وقد شرحه وبينه، فقال: قوله ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ يعني به (٤) أمر الدنيا إلى آخره، يدبره الله -عز وجل- مدة أيام الدنيا، ثم يعرج إليه ذلك الأمر والتدبير بعد إنقضاء الدنيا وفنائها، ومعنى يعرج يرتفع، ومعنى يرتفع يصير، كقولك: ارتفع أمرنا إلى الأمير، أي صار إليه (٥).
قوله تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ وهو يوم القيامة، مقداره ألف سنة، هذا كلامه. وأما قوله: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فسنذكر الكلام فيه إذا انتهينا إليه إن شاء الله. القول الثاني: أن معنى

(١) لم أقف عليه.
(٢) "تفسير ابن عباس" ص ٣٤٧ بهامش المصحف، "تفسير مقاتل" ٨٤ أ.
(٣) ما بين المعقوفين مكرر في (أ).
(٤) في (ب): زيادة (إلا)، وهو خطأ.
(٥) في كلام المؤلف -رحمه الله- هنا نظر، فإنه يؤول صفة العلو والفوقية التي يؤولها الأشاعرة، وأهل السنة والجماعة يثبتون هذه الصفة ويقولون: إن الله سبحانه عال بذاته فوق خلوقاته بائن منهم، وهو معهم بعلمه. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ٢/ ٣٨١، "شرح حديث النزول" ص ٣٨٨.


الصفحة التالية
Icon