تنتفخ رئته، فإذا انتفخت دفعت القلب إلى الحنجرة، ولهذا يقال للجبان: انتفخ سحره (١)، وهذا الذي ذكره الفراء وهو قول الكلبي، قال: رفعت الرئة القلب وانتفخت حتى صارت عند الحنجرة فلم ترجع (٢) ولم تخرج.
قال أبو سعيد: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله، هل من شيء نقوله: فقد بلغت القلوب الحناجر. قال: فقولوا: "اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا". قال: فقلناها فضرب وجوه أعداء الله بالريح فهزموا (٣).
وقوله: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ قال ابن عباس: يريد خفتم كثرتهم حتى قنطتم، وكان الله لكم ناصرًا (٤).
وقال مقاتل: يعني الإياس من النصر واختلاف الأمر والنهي (٥) أن ظنونكم اختلفت، فظن بعضكم بالله النصر ورجاء الظفر والكفاية، وبعض يئس وقنط. وقال الكلبي: ظن به يومئذ ناس من المنافقين ظنونًا مختلفة، يقولون: هلك محمد وأصحابه (٦). فعلى القول الأول (تظنون) خطاب للمؤمنين، وعلى قول الكلبي خطاب للمنافقين، والمؤمنون كانوا واثقين بنصر الله ووعده بالنصر لدينه ورسوله.

(١) ذكره البغوي في "تفسيره" ٣/ ٥١٧. ونسبه للفراء، وذكره الواحدي في "الوسيط" ٣/ ٤٦١.
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٣٦ مع اختلاف في العبارة.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" ٣/ ٣، وذكره السيوطي في "الدر" ٦/ ٥٧٣، وعزاه لأحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) "تفسير مقاتل" ٨٨ ب.
(٦) ذكر هذا القول البغوي في "تفسيره" ٣/ ٥١٦ غير منسوب لأحد، والطبرسي في "مجمع البيان" ٨/ ٥٣٢ غير منسوب لأحد.


الصفحة التالية
Icon