قال أهل المعاني: هذا إخبار عن ظهور فضيحتهم وعدم نصرتهم عند وقوع الشدة بإبداء المكتوم وإعطاء الفتنة وإظهار الردة (١).
قوله: ﴿وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا﴾ قال ابن عباس: لم يلبثوا باعطاء الشرك إلا يسيرًا (٢).
وقال مقاتل: وما أحسوا من الشرك إلا قليلاً حتى يعطوها طائعين (٣).
وقال قتادة: وما أحبسوا من الإجابة إلى الكفر إلا قليلاً، وهذا قول أكثر المفسرين (٤).
وقال السدي: وما تلبثوا بها أي: بالمدينة إلا يسيرًا بعد إعطاء الكفر حتى يهلكوا (٥).
وقال الحسن: وما أقاموا بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلاً حتى يعذبوا. وهذا القول اختيار الفراء (٦) وابن قتيبة (٧). والكناية في (بها) على القول الأول تعود إلى الفتنة، يقال: تلبث بالشيء تربص به إذا آخره ومنعه. وعلى القول الثاني يعود إلى المدينة، وهي مذكورة في قوله: ﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ﴾. وروى عطاء عن ابن عباس قولًا ثالثًا فقال: يريد لم يقيموا مع النبي

(١) انظر: "معاني القرآن" للنحاس ٥/ ٣٣٤، للفراء ٢/ ٣٣٧، للزجاج ٤/ ٢٢٠.
(٢) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٥٤٥، "تفسير ابن عباس" ص ٣٥١.
(٣) "تفسير مقاتل" ٨٩أ.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١١/ ١٣٦، "مجمع البيان" ٨/ ٥٤٥، "زاد المسير" ٦/ ٣٦١.
(٥) انظر: "زاد المسير" ٦/ ٣٦٢، "تفسير القرطبي" ١٤/ ١٥٠.
(٦) "معاني القرآن" ٢/ ٣٣٧.
(٧) "غريب القرآن" ص ٣٤٩. وانظر: "مجمع البيان" ٨/ ٥٤٥، "القرطبي" ١٤/ ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon