-صلى الله عليه وسلم- في حرب ولا دين (١). وعلى هذا قوله: -ayah text-primary">﴿وَمَا تَلَبَّثُوا﴾ ابتداء إخبار عنهم أنهم لم يقيموا هناك، ورجعوا إلى بيوتهم وليس عطفًا على ما قبله، والكناية في (بها) تعود إلى غير مذكور على تقدير: وما تلبثوا بالمعركة، وبالمقامة (٢)، وهذا أضعف الأقوال.
وذكر أبو علي هذه الآية في "المسائل الحلبية" فقال: (من قرأ: لآتوها بالمد فلمكان المسألة، كأنه لو سئلوا لأعطوها ولأتوها من الإتيان حسن؛ لأن قوله: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ دليل على أنهم يسألون النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك الإتيان والوقوف معه، فكان المعنى: ويستأذن فريق منهم النبي في أن لا يأتوه لاشتغالهم بحفظ بيوتهم المعورة في زعمهم.
﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا﴾ أي: لو بلغت البيوت في أعوارها أن دخل عليهم من جوانبها كلها لفرط عوارها، ثم سئلوا معونة العدو على المسلمين، لأتوها وأسرعوا إليها ولم يعتلوا عليهم بأن بيوتهم معورة كما اعتلوا به في تأخرهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين ونصرهم، فالمعنى: يستأذنون النبي في أن يقعدوا عنه ولم يأتوه، وهم يأتون العدو لينصروهم ويعينوهم على المسلمين لو سألوهم، فالقراءة بالقصر أشكل بما قبله وما بعده (٣). ألا ترى أن بعدها: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. ومن قرأ بالمد فهو راجع إلى هذا؛ لأن إعطاء الفتنة هو راجع إلى هذا؛ لأن إعطاءهم الفتنة

(١) لم أقف عليه.
(٢) في (ب): (ولا بالمقامة).
(٣) (ما) ساقطة من (أ).


الصفحة التالية
Icon