١٨ - قوله ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ﴾ العوق والاعتياق والتعويق بمعنى، يقال: عاقه واعتاقه وعوقه إذا صرفه عن الوجه الذي يريده، والتعويق: ترغيب الناس عن الخير، ورجل عوقة: يعوق الناس عن الخير. قال المفسرون: هؤلاء قوم من المنافقين كانوا يثبطون أنصار النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذلك أنهم قالوا: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ولو كانوا لحماً لألهتهم (١) أبو سفيان وحزبه، فخلوهم وتعالوا إلينا. وهذا قول ابن عباس وقتادة (٢). [والقائلين في هذا القول هم المعوقون.
وقال مقاتل: (المعوقين) هم المنافقون، عبد الله بن أبي وأصحابه] (٣) و (القائلين) هم اليهود، وذلك أن اليهود أرسلوا إلى المنافقين أيام الخندق فقالوا: ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بأيدي أبي سفيان ومن معه، فإنهم إن قدروا عليكم هذه المرة ما استبقوا منكم أحدًا، وإنا نشفق عليكم؛ فإنكم إخواننا ونحن جيرانكم هلم إلينا، فأقبل المنافقون على المؤمنين يعوقونهم ويخوفونهم بأبي سفيان ومن معه، فذلك قوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ﴾ يعني: المنافقين، ويعلم (القائلين لإخوانهم) يعني اليهود حين دعوا إخوانهم المنافقين: (هلم إلينا) (٤). وذكرنا الكلام في (هلم) في سورة الأنعام (٥).
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٩ ب، "تفسير البغوي" ٣/ ٥١٧، "الجامع لأحكام القرآن" ١٤/ ١٥١، وقد نسبه لمقاتل وقتادة وغيرهما، ولم أجد من نسبه لابن عباس.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، وكتب بالهامش.
(٤) "تفسير مقاتل" ٨٩ ب.
(٥) عند قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا﴾ الآية: ١٥٠.