قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ أي: لا يحضرون القتال في سبيل الله، قاله ابن عباس وغيره (١). (إلا قليلاً). قال الكلبي ومقاتل: إلا رياء وسمعة من غير احتساب، ولو كان ذلك القليل لله لكان كثيرًا (٢)، وهذا كقوله في صفتهم أيضًا: ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ١٤٢].
وقال أبو إسحاق: (لا يأتون العرب مع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا تعذيرًا يوهمونهم أنهم معهم).
١٩ - قوله: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ منصوب على الحال، المعنى: يأتون العرب بخلا عليكم، قاله الزجاج (٣). وأشحة: جمع شحيح، مثل دليل وأدلة، وعزيز وأعزة. قال الفراء: (ويجوز أن يكون حالًا من ﴿الْمُعَوِّقِينَ﴾ المعنى: يعوقون أشحة، وإن شئت من ﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ﴾ أي: وهم هكذا. قال: ويجوز أن يكون نصبًا على الذم كما ينصب على المدح، مثل قوله: ﴿مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا﴾ [الأحزاب: ٦١]) (٤). قال مجاهد وقتادة والكلبي: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ بالغنيمة والخير والمنفعة في سبيل الله (٥).

(١) انظر: "تفسير ابن عباس" ص ٣٥١، وبه قال قتادة. انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ١٣٩، "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٨٥.
(٢) "تفسير مقاتل" ٩٠ أ، ولم أجد من نسبه للكلبي، ونسبه الماوردي للسدي ٤/ ٣٨٥.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٢٠.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٣٨ مع اختلاف في العبارة.
(٥) انظر: "الدر المنثور" ٦/ ٥٨١، وقال: أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد، وابن أبي حاتم عن السدي، وابن أبي حاتم عن قتادة. وانظر: "تفسير مقاتل" ٩٠ أ، "مجمع البيان" ٨/ ٥٤٦، "ابن أبي حاتم" ٩/ ٣١٢١.


الصفحة التالية
Icon