والبداوة، ويقال للقوم البادين: بادية، وللموضع الذي بدوا إليه: بادية، وأصل هذا من البدو الذي هو الظهور والبروز، ومعنى الآية: ودوا أنهم خارجون إلى البدو في جملة الأعراب خوفًا من الأحزاب.
قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ﴾. الأظهر أن قوله: (يسألون) صفة للنكرة التي هي بادون بتقدير: بادون سائلون عن أنبائكم أي: ودوا أنهم بالبعد منكم وهم يسألون عن أخباركم يقولون: ما فعل محمد وأصحابه فيعرفون حالهم (١) وما أنتم فيه بالاستخبار لا بالمشاهدة، وهذا معنى قول المفسرين (٢).
وقال الكلبي: يسألون عن خبر المؤمنين ساعة بعد ساعة، فزعًا وفرقًا من القتال (٣). وعلى هذا القول (يسألون) ابتداء كلام وخبر عنهم، والمعنى: أنهم لجبنهم أبدًا يسألون عن أخبار المؤمنين هل قصدهم عدو وأضلتهم حرب، وذلك أنهم يحتاجون أن يشاهدوا معهم القتال، وإن كرهوا ذلك فلذلك يكثر سؤالهم عن حالهم حتى إن لم يقصدهم عدو ولم يعرض لهم حرب فرحوا، هذا معنى ما ذكره الكلبي. ويجوز أن يكون سؤالهم عن أنبائهم؛ لأنهم يتربصون بهم الدوائر فيهم (٤) أبدًا يفحصون عن حالهم شماتة بهم إذا أصابتهم نكاية أو عرض لهم عارض شر، والصحيح ما ذكرنا أولاً، وهو أن قوله: ﴿يَسْأَلُونَ﴾ متصل بما قبله؛ لقوله: {وَلَوْ

(١) هكذا في النسخ! ولعل الصواب: حالكم. حتى يستقيم السياق.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ١٤٢، "مجمع البيان" ٨/ ٥٤٧، "القرطبي" ١٤/ ١٥٥
(٣) لم أقف عليه عن الكلبي. وانظر: "القرطبي" ١٤/ ١٥٥.
(٤) هكذا في النسخ! ولعل الصواب: فهم.


الصفحة التالية
Icon