وقوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ﴾ يعني الجنة ﴿فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (١) أي اللائي آثرن منكن الآخرة أجرًا عظيمًا. قال مقاتل: يعني الجنة (٢).
قال المفسرون: فلما نزلت آية التخيير بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعائشة وخيرها فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، ثم فعلت سائر أزواجه مثل ما فعلت عائشة وقلن: ما لنا وللدنيا، إنما خلقت الدنيا دار فناء والآخرة هي الباقية، والباقية أحب إلينا من الفانية (٣). فلما اخترن الله ورسوله شكرهن الله على ذلك فأنزل: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ﴾ [الأحزاب: ٥٢] الآية، فقصره الله عليهن ورفع منزلتهن على سائر النساء بالتميز عنهن في العقوبة على المعصية والأجر على الطاعة، وهو قوله (٤):
٣٠ - ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾. قال مقاتل: يعني العصيان البين (٥). وقال ابن عباس: يعني النشوز وسوء الخلق (٦). ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ قال مقاتل: يضاعف لها العذاب في الآخرة (٧).

(١) في جميع النسخ: (المحصنات)، وهو خطأ.
(٢) "تفسير مقاتل" ٩١ أ.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب التفسير، باب ﴿وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ ٤/ ١٧٩٦ رقم ٤٥٠٧، ومسلم في "صحيحه" كتاب الطلاق، باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بنية ٢/ ١١٠٣ رقم (١٤٧٥)، والطبري ٢١/ ١٥٧، وابن كثير ٣/ ٤٨٠.
(٤) في (ب) زيادة: (وهو قوله: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء).
(٥) "تفسير مقاتل" ٩١ أ.
(٦) انظر: "تفسير الماوردي" ٤/ ٣٩٧، "زاد المسير" ٦/ ٣٧٩، "البغوي" ٣/ ٥٢٧.
(٧) "تفسير مقاتل" ٩١ أ.


الصفحة التالية
Icon