وقال أبو عبيدة في "تفسيره" تضعيف العذاب: يجعل الواحد ثلاثة أي: يعذب ثلاثة أعذبة. قال: وكان عليها أن تعذب مرة فإذا ضوعف ضعفين صار العذاب ثلاثة أعذبة؛ لأن ضعف الشيء مثله وضعفيه مثلًا واحده (١).
قال الزجاج: وليس هذا بشيء؛ لأن معنى يضاعف يجعل عذاب جرمها كعذاب جرمين. الدليل عليه قوله: ﴿نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ﴾، فلا يكون أن تعطى على الطاعة أجرين وعلى المعصية ثلاث أعذبة (٢).
وقال الأزهري: الذي قاله أبو عبيدة هو ما يستعمله الناس في مجاز كلامهم وما يتعارفونه في خطابهم، وقد قال الشافعي ما يقارب قوله في رجل أوصى فقال: أعطوا فلانًا ضعف ما يصيب ولدي. قال: يعطى مثله مرتين، ولو قال ضعفي ما يصيب ولدي نظرت فإن أصابه مائة أعطيته ثلاثمائة.
قال: وقد قال الفراء (٣) شبيها بقولهما في قول الله تعالى: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ [آل عمران: ١٣] قال الأزهري: والوصايا يستعمل العرف (٤) الذي يتعارفه المخاطب والمخاطب، وما يسبق إلى الأفهام فيما يذهب الوهم إليه، فأما كلام الله -عز وجل- فهو عربي مبين، ويرد تفسيره إلى موضع كلام العرب، ولا يستعمل فيه العرف إذا خالف اللغة، والضعف في
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٢٦.
(٣) في جميع النسخ: (القراة)، والصحيح: الفراء، كما في "تهذيب اللغة" ١/ ٤٨٠.
(٤) في النسخ: (العرب) والصواب: العرف، كما في "تهذيب اللغة"، وهنا سقط حرف ولذلك فالكلام موهم، وهو في "تهذيب اللغة": يستعمل فيها العرف.