والمعنى: أن الإعادة أهون على الخَلْقِ من الابتداء (١). وهذا قول ابن عباس في رواية أبي صالح والسدي؛ قال ابن عباس: وهو أهون على المخلوق؛ لأنه يقول له يوم القيامة: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ [الأنعام: ٧٣، النحل: ٤٠، مريم: ٣٥، يس: ٨٢، غافر: ٦٨]، وأول خلقه نطفة ثم علقة ثم مضغة (٢).
وقال السدي: ليس يشتد على الله شيء، ولكن يعني به: المخلوق، يصاح به فيقوم سويًا؛ أهون عليه من أن يكون كما خلقه أولًا؛ نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظامًا ثم يعود رضيعًا ثم فطيمًا.
وقال عطاء: هو أهون على المخلوق أن يُبعث سميعًا بصيرًا، يَفهم ويفقه ويعقل، ليس مثل المولود لا يعقل حتى يكبر. قال أبو إسحاق: ومعنى هذا القول أن البعث أهون على الإنسان من إنشائه؛ لأنه يقاسي في النشأة ما لا يقاسيه في الإعادة والبعث (٣).
(٢) أخرجه بسنده الفراء من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. "معاني القرآن" ٢/ ٣٢٤. وذكره ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ص ٣٨٢، عن ابن عباس، من طريق أبي صالح. وذكره كذلك الثعلبي ٨/ ١٦٨ أ.
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٣. وقد اعترض على هذا القول أبو عبيدة، فقال بعد أن ذكر أن المراد في الآية: وهو هين عليه، قال: فإن احتج محتج فقال: إن الله لا يوصف بهذا، وإنما يوصف به المخلوق، فالحجة عليه قول الله تعالى: ﴿وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب: ١٩] وقوله: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ [البقرة: ٢٥٥]. "مجاز القرآن" ٢/ ١٢١.
ولم يرجح الواحدي شيئًا من هذه الأقوال، والذي يظهر من سياق الآيات أن المراد إثبات البعث والرد على المنكرين له، المستبعدين وقوعه، بعد موتهم وفنائهم، فأعلمهم الله -عز وجل- أن إقرارهم بالخلق الأول يستلزم الإيمان بإعادتهم، إذ هي أهون وأيسر، ويدل على ذلك تقدم الآيات في إثبات الربوبية، والتي منها =