وقال السدي: هو قسم أقسم الله به (١).
وذكر أبو إسحاق (٢) فيه قولين قال: معناه الصادق الله. وقيل: إنه قسم (٣).
قوله: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ عطف عليها، المعنى: أقسم بـ ﴿ص﴾ وبالقرآن ذي الذكر. وأنكر أبو علي أن تكون ﴿ص﴾ قسمًا قال: (لأنه إذا كان قسمًا لا يخلو قوله: ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ من أن يكون استئناف قسم أو عطفا على قسم، وهو قوله: ﴿ص﴾، فلا يجوز أن يكون استئناف قسم إن جعلت ﴿ص﴾ قسماً؛ لأن جواب الأول لم يمض، فإذا لم يمض جواب الأول لم يجز أن يستأنف قسم آخر، ولا يجوز أن يكون عطفاً على القسم الأول، فيكون جوابان تشرك الأول؛ لأنه لا حرف جر في الأول، فإذا لم يكن في الأول حرف جر لم يجز ذلك، ولا يجوز إضمار حرف الجر في القسم إلا في أسماء الله كما تقول: الله لأفعلن، ولا يجوز: الكعبة لأفعلن، يريد بالكعبة كما جاز في اسم الله، لأنه كثر في كلامهم فجاز فيه للكثرة مالا يجوز في غيره، ألا ترى أنهم قد استجازوا في هذا الاسم بدل الباء من

(١) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٥٤ ب، "القرطبي" ١٥/ ١٤٣.
(٢) "معاني القرآن واعرابه" ٤/ ٣١٩.
(٣) هذه الأقوال التي ذكرها المؤلف رحمه الله في معنى ﴿ص﴾ أقوال لا دليل عليها، والأولى أن يقال في جميع الحروف المقطعة التي افتتحت بها بعض سور القرآن: أنها بيان لإعجاز القرآن. يقول الإمام ابن كثير رحمه الله عنها: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها. "تفسير ابن كثير" ١/ ٣٨. وهذا القول اختيار جماعة من المحققين. انظر. "الكشاف" ١/ ٧٦، "فتح القدير" ١/ ٣٧، "أضواء البيان" ٣/ ٣ - ٧.


الصفحة التالية
Icon