الواو ولم يجبزوه في غيره، وقالوا: بالله اغفر لي، ولا ينادون اسمًا فيه الأف واللام سوى هذا، لقولك (١) أجازوا الحذف في هذا ولم يجيزوه في غيره، وإذا كان كذلك لم يجز أن يكون ﴿ص﴾ قسمًا، ويكون ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ قسماً لم يسبق قبله قسم) (٢).
وقوله: ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ أكثر المفسرين قالوا: معناه ذي الشرف. وهو قول سعيد بن جبير وأبي حصين وإسماعيل بن أبي خالد وابن عباس في رواية سعيد (٣). والذكر يكون بمعنى الشرف كقوله: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤]، وكقوله: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ [الأنبياء: ١٠]. قال مقاتل: ذي البيان (٤). ويكون المعنى على هذا: وأنه ذكر فيه أقاصيص الأولين والآخرين، وما يحتاج إليه في الحلال والحرام. وروي عن الضحاك وقتادة: ذي الموعظة والتذكير (٥).
واختلفوا في جواب القسم: فحكى النسائي والفراء والزجاج (٦): أن جواب القسم قوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ (٧). قال الكسائي:
(٢) لم أقف على قول أبي علي.
(٣) انظر: "الطبري" ٢٣/ ١١٨، "الماوردي" ٥/ ٧٥، "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٩١، "زاد المسير" ٧/ ٩٨.
(٤) "تفسير مقاتل" ١١٥ أ.
(٥) انظر: "الطبري" ٢٣/ ١١٩، "الماوردي" ٥/ ٧٥، "زاد المسير" ٧/ ٩٨.
(٦) انظر: "مجمع البيان" ٨/ ٧٢٥، "التبيان في غريب القرآن" ٢/ ١٠٩٦، "الدر المصون" ٥/ ٥٢٥، "البحر المحيط" ٧/ ٣٦٧، "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٣١٩.
(٧) وهذه الآية في آخر السورة رقمها (٦٤). ولطول الفاصل بين القسم وبين جوابه على هذا القول. نجد أن الكسائي رده ولا يراه شيئًا. وكذا الفراء، وكذلك استبعده النحاس في "معاني القرآن" ٦/ ٧٦.