ولا أراه شيئًا، فاستبعده. وقال الفراء: (هذا قد تأخر عن قوله: ﴿وَالْقُرْآنِ﴾ تأخرًا كثيرًا وجرت بينهما قصص مختلفة، فلا يعد ذلك مستقيمًا في العربية) (١). وحكى هؤلاء أيضًا قولاً آخر في جواب القسم، وهو أن يكون قوله: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ واعترض بين القسم وجوابه: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ومعناه: لكم أهلكنا، فلما طال الكلام المعترض بينهما حذفت اللام (٢).
وحكى الأخفش (٣) فقال: يزعمون أن موضع القسم في قوله: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ﴾. وقال النحاس (٤): وهذا كالأول في الاستبعاد.
وذكر صاحب النظم هذا القول فقال: لما قال: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ اعترض خبر آخر سواه، وهو قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فمرَّ فيه إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ﴾ ثم قال: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾ فكان هذا جوابًا للقسم، ومعنى ﴿إِنْ كُلٌّ﴾: ما كل، كما يقال في الكلام: والله ما هذا إلا كافر. وما اعترض بين قوله: ﴿ص وَالْقُرْآنِ﴾ إلى قوله: ﴿إِنْ كُلٌّ﴾ قصة واحدة، وهذا الجواب قد يتصل بها وينتظم معها، فيكون جوابًا للقصة المعترضة للقسم انتهى كلامه.
وروي عن قتادة أن موضع القسم: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (٥) كما قال:
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٩٧، "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٣١٩، "مجمع البيان" ٨/ ٧٢٥.
(٣) "معاني القرآن" ٢/ ٤٩٢.
(٤) "معاني القرآن الكريم" ٦/ ٧٦.
(٥) انظر: "الطبري" ٢٣/ ١١٩، "معاني القرآن" للنحاس ٦/ ٧٧، "زاد المسير" ٧/ ٩٩.