﴿وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا﴾. وقال صاحب النظم في هذا القول: معنى بل توكيد للخبر الذي بعده [...] (١) في سبب ما بعدها قبل هاهنا بمنزلة أن؛ لأنه توكيد ما بعده من الخبر وإن كان له معنى سواه في نفي خبر متقدم، فكأنه -عز وجل- قال: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾، كما تقول: والله إن زيدًا قائم. ثم قال: واحتج قائل هذا القول بأن هذا النظم وإن لم يكن للعرب فيه أصل ولا لها فيه رسم، فيحتمل أن يكون نظمًا أحدثه الله -عز وجل- لما بينا من احتمال بل معنى أن. انتهى كلامه (٢).
وقال أبو القاسم الزجاج: (قال النحويون: إن بل يقع في جواب القسم كما تقع لن؛ لأن المراد بهما توكيد الخبر، وذلك في قوله: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وكذلك قوله: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا﴾ وهذا من طريق الاعتبار يصلح أن يكون بمعنى أن لا أنه شائع في عبارة العرب أن يكون بل جوابًا للقسم، لكن بل لما كان متضمنًا خبر وإثبات خبرًا آخر بعد، فكأنه وكد من سائر التوكيدات، فحسن وضعه في موضع إن وقد، فكأنه قال: ص والقرآن ذي الذكر إن الذين كفروا. وقال:
(٢) القول بأن الجواب هو قوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وهو قول قتادة، لعله أرجح الأقوال، وقد رجحه الإمام الطبري في "تفسيره" ٢٣/ ١١٩. فقال: والصواب عندي ما قاله قتادة؛ لأنَّ بل دلت على التكذيب، فمعنى الكلام: ما الأمر كما يقول هؤلاء الكفار، بل هم في عزة وشقاق ا. هـ.
أما قول صاحب النظم بأن قائل هذا القول يحتج بأن النظم وإن لم يكن للعرب فيه أصل ولا لها فيه رسم.. إلى آخر كلامه، فهذا تكلف لا مسوغ له.