قوله: ﴿مُنْذِرٌ مِنْهُمْ﴾ قال ابن عباس (١) ومقاتل (٢): يعني رسولاً من أنفسهم. ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ﴾ من أهل مكة. ﴿هَذَا سَاحِرٌ﴾ يفرق بين الإثنين بسحره، يعني: بين الولد ووالده والرجل وزوجته يُميل أحدهما فيَميل إليه ويهجر صاحبه. ﴿كَذَّابٌ﴾ حين يزعم أنه رسول.
٥ - قوله: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ﴾ قال ابن عباس والمفسرون: كان لهم ثلاثمائة وستون صنفًا فلما دعاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عبادة إله واحد أنكروا وقالوا: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ (٣).
والمعنى: أنهم كانوا يعبدونها مع الله، فلما أبطلها النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، تعجبوا وقالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحداً! أي: كيف جعل لنا إلهًا واحدًا بعد ما كنا نعبد آلهة، وليس المعنى أنه جعل جميعها واحداً، وإنما المعنى أنه أبطل آلهتنا وأثبت الإِلهية لواحد وهو الله
(٢) "تفسير مقاتل" ١١٥ أ.
(٣) لم أقف عليه عن ابن عباس. وما ذكره المفسرون هو جزء من حديث طويل، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن قريشًا شكوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ابن طالب، فقال: يا ابن أخي، ما تريد من قومك؟ فقال: "يا عم، إنما أريد منهم كلمة تذَل لهم بها العرب، وتؤدِّي إليهم بها الجزية العجم". قال: كلمه. قال: "كلمة واحدة". قال: ما هي؟. قال: "لا إله إلا الله". فقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحدًا، فأنزل الله هذه الآية. وهذا الحديث وردّ بعدة روايات وبطرق مختلفة، رواه الإمام أحمد في "مسنده"١/ ٣٦٢، والترمذي في "سننه" ٢/ ١٥٥، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والحاكم في "المستدرك" كتاب التفسير، تفسير سورة ص ٢/ ٤٣٢ وصححه ووافقه الذهبي. وذكره من المفسرين "الطبري" ٢٣/ ١٢٥، "البغوي" ٤/ ٤٨، "القرطبي" ١٥/ ١٥٠.