وخص هذا القدر من القرآن بتسمية (سورة)، لأنه أقل قطعة وقع به التحدي [على قول أبي الهيثم، وعلى قول أبي عبيدة، لأنه أقل ما وقع به التحدي] (١)، فهي شرف للنبي ﷺ من حيث إنها معجزة له. وقيل: سميت سورة، لأن من حفظها وعلمها حصل له شرف (٢). وقيل: لأن كل سورة بمنزلة درجة رفيعة ومنزل عال، يرتفع القارئ منها إلى منزلة أخرى إلى أن يستكمل القرآن (٣).
فإن قيل: فما (٤) الفائدة في تفصيل القرآن على السور؟ قيل: فيه فوائد كثيرة، منها: أن القارئ إذا خرج من سورة إلى سورة كان أنشط لقراءته وأحلى في نفسه.
ومنها: أن تخصيص كل سورة بقدر مخصوص كاختصاص القصائد.
ومنها: أن الإنسان قد يضعف أو يكسل عن حفظ الجميع فيحفظ سورة تامة فربما كان ذلك سبباً يدعوه إلى حفظ غيرها (٥).
قال المفسرون: ومعنى الآية: أن الله تعالى لما احتج عليهم [في إثبات توحيده احتج عليهم] (٦) -أيضا- في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه

(١) مابين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) انظر: "الزاهر" ١/ ١٧١. "الدر المصون" ١/ ٢٠١.
(٣) وهذا القول كأنه يرجع إلى قول أبي عبيدة وابن الأعرابي، وفي معنى السورة أقوال أخرى. انظر: "الزاهر" ١/ ١٧١، "جمهرة اللغة" ٢/ ٧٢٢، "تفسير الطبري" ١/ ٤٦، وابن عطية ١/ ٧٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٤، "البرهان" ١/ ٢٦٣، ٢٦٤، "الكشاف" ١/ ٢٣٩.
(٤) في (ب): (ما).
(٥) وذكر بعض العلماء حكماً أخرى لتفصيل القرآن إلى سور، وكلها حكم وفوائد مستنبطة، والله أعلم بحكمة ذلك. انظر: "الكشاف" ١/ ٢٤٠ - ٢٤١، "البرهان" ١/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).


الصفحة التالية
Icon