وقيل: قوله: ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ تأكيد، لأن قتل النبي لا يكون إلا بغير حق، فهو كقوله: ﴿الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، ﴿وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْه﴾ وأمثاله (١).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا﴾ قال الأخفش: ما والفعل بمنزلة المصدر، أي: ذلك الكفر والقتل بعصيانهم (٢). يعني أن الكفر والقتل حصلا منهم بعصيانهم ما أمروا به وتركهم الطاعة (٣)، لأن نفس الكفر والقتل هو العصيان، فالعصيان هو الكفر، والكفر هو العصيان، وكل واحد منهما موجب للآخر في هذا الموضع، وإن لم يكن العصيان كفرا في مواضع. ويجوز أن يكون المعنى: ذلك حصل بشؤم عصيانهم، فحذف المضاف (٤).
وعلى هذا التأويل يتوجه قول من خص العصيان والاعتداء بعصيانهم الله في السبت، واعتدائهم فيه، فإن كثيرا من المفسرين ذهبوا إلى هذا (٥)، ومنهم من لم يخص وقال: ذلك (٦) بركوبهم المعاصي، وتجاوزهم أمري،

(١) انظر: "زاد المسير" ١/ ٩٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٧.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٧٦، نقل قوله بمعناه. وانظر "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٢، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٦٨.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣١٧.
(٤) أو يكون العصيان والتمادي فيه جرهم إلى القتل والكفر، فإن صغار الذنوب سبب يؤدي للكبائر، ذكره البيضاوي في "تفسيره" ١/ ٢٧. والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٣٤، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٢٣٧.
(٥) بل هو قول بعضهم. انظر: الكشاف ١/ ٢٨٥، والنسفي في "تفسيره" ١/ ١٣٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٣٧.
(٦) (ذلك) ساقط من (ب).


الصفحة التالية
Icon