ومن غير المصادر الدَّفُّ والدُّف، والشَّهْد والشُّهْد (١).
قال المفسرون: حملته أمه في مشقة ووضعته في مشقة (٢)، وليس يريد ابتداء الحمل؛ لأن ذلك لا يكون مشقة، وقد قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ [الأعراف: ١٨٩] يريد ابتداء الحمل، فإنها تحمل علقة ومضغة، فإذا ثقلت حينئذ حملته كرهًا، يدل على ما ذكرنا قول ابن عباس في هذه الآية: يريد ثقل عليها يعني الولد في حملها إياه، ووضعته كرها، يريد شدة الطلق (٣).
قوله تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ يريد أن مدة حمله إلى أن فصل من الرضاع كانت هذا القدر، والمعنى: أنهما يقعان في ثلاثين شهرًا من ابتداء الحمل إلى أن يفصل. روى مسلم بن صبيح عن ابن عباس قال: حملته ستة أشهر والفصال حولين، وروى عكرمة عنه قال: إذا حملت تسعة أشهر أرضعته إحدى وعشرين شهرًا، وإذا حملته ستة أشهر أرضعته أربعة وعشرين شهرًا (٤).
وهذه الآية نازلة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه (٥)، روى ذلك

(١) انظر: "الحجة" لأبي علي ٦/ ١٨٤.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ١٥، و"تفسير الماوردي" ٥/ ٢٧٦، و"تفسير ابن كثير" ٦/ ٢٨٠.
(٣) ذكر ذلك في "الوسيط" عن ابن عباس، انظر: ٤/ ١٠٧.
(٤) ذكر ذلك البغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٥٧، وأخرجه ابن كثير في "تفسيره" عن عكرمة عن ابن عباس ٦/ ٢٨١.
(٥) أورد ذلك المؤلف في "أسباب النزول" بدون سند ص ٤٠١، وذكره الثعلبي في تفسيره ١٠/ ١١٠ ب، وكذلك ذكره البغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٥٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٣٧٨.


الصفحة التالية
Icon