إلا لآمركم أن تعبدونِ، ولو كان على ظاهر النظم لوجب أن يعبدوه كلهم. والله أعلم.
١٥ - قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ﴾. قال صاحب النظم: رجع إلى ذكر الكفار الذين قدم ذكرهم في أول السورة، فابتدأ خبرًا عنهم من غير أن يصله في المعنى بما قبله؛ لأنه لا يتصل بشيء مما تقدمه، وإن كان منسوقًا عليه بواو العطف، ومعنى الجزء في اللغة: القطعة والنصيب، وجمعه أجزاء، ويقال: جزأت الشيء بينهم وجزأته، إذا قسمته، تخفف وتثقل (١).
وذكر المفسرون في هذا قولين:
أحدهما: قال ابن عباس: يريد حيث جعلوا الملائكة بنات الله (٢)، وعلى هذا معنى الآية حكموا بأن بعض العباد وهم الملائكة له أولاد.
فمعنى الجعل هنا الحكم بالشيء، وحُذِفَ من الكلام مفعولٌ هو مراد على تقدير: وجعلوا له من عباده جزءًا ولدًا أو بنات.
القول الثاني: أن معنى الجزء هاهنا العدل والشبيه، وذلك أنهم عبدوا الملائكة والجن، فجعلوهم لله عدلًا وشبيهًا، وهذا معنى قول مقاتل وقتادة (٣)، وتقدير هذا القول كتقدير القول الأول؛ لأن المعنى: وجعلوا له
(٢) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ٥٥ عن مجاهد والسدي. ونسبه في "الوسيط" ٤/ ٦٦ لابن عباس ومجاهد والحسن.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٠، "تفسير الطبري" وقد ذكر القولين ١٣/ ٥٥ - ٥٦، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٩٦، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢١٩.