المعنى: ما قام أحد، حملوه على هذا، وإن كان المؤنث يرتفع بهذا الفعل والتأنيث فيه لم يجيء إلا في شذوذ وضرورة (١)، كقوله:
فما بَقِيتْ إلا الضُّلُوعُ الجَرَاشِعُ (٢)
وقرأ الباقون: (لا تَرى) بفتح التاء (إلا مساكنَهم) بالنصب على معنى: لا ترى أيها المخاطب، والمساكن مفعول بها، و (ترى) في القراءتين جميعًا من رؤية العين، المعنى: لا تشاهد شيئًا إلا مساكنهم، كأنها قد زالت عما كانت عليه من كثرة الناس بها وما يتبعهم مما يقتنونه (٣).
٢٦ - قال ابن عباس: فلم يبق إلا هود ومن آمن معه.
ثم خوف كفار مكة وذكر فضل عاد بالقوة والأجسام عليهم فقال: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ قال مقاتل: أي: من الخير والتمكين في الأرض (٤).
وقال الكلبي: يعني: ملكنا عالاً وأمهلناهم من العمر فيما لم نمكن لكم من العمر والمهلة (٥)، والمعنى: مكناهم في الشيء الذي لم نمكنكم فيه يا أهل مكة من الدنيا وكثرة الأموال وشدة الأبدان.

(١) انظر: "الحجة للقراء السبعة" لأبي علي ٦/ ١٨٦.
(٢) هذا عجز بيت لذي الرمة وصدره قوله:
بَرَى النَّحْزُ والأجْرَازُ ما في غُرُوضِها
انظر: "ديوانه" ص ٣٤١، و"المحتسب" ٢/ ٢٠٧، و"الحجة" ٦/ ١٨٦، و"الدر المصون" ٦/ ١٤٢.
(٣) انظر: "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ٢/ ٢٧٤، و"إعراب القرآن" للنحاس ٤/ ١٧٠.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٢٦.
(٥) انظر: "تنوير المقباس" ٥٠٥.


الصفحة التالية
Icon