وقال سعيد بن جبير: إذا أثخن بالقتل فادى ومنّ (١) وقال الشعبي: الأسير يمن عليه، أو يفادى، وهذا مذهب ابن عمر وعطاء ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (٢) قال في قوله: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى﴾ [الأنفال: ٦٧] الآية قال: ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله في الأسارى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ فجعل الله النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين بالخيار في الأسارى إن شاؤوا قتلوهم، وإن شاؤوا استعبدوهم، وإن شاؤوا فادوهم (٣) ونحو هذا روى المبارك بن فضالة عن الحسن.
قال أبو عبيد (٤): والقول عندنا هذا، ولم يزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان (٥) عاملاً بهذه الأحكام التي أباحها له في الأسارى حتى توفاه الله على ذلك، ولا نعلمه نسخ شيء منها، بل كان يعمل بها على ما أراه الله من الأحكام التي أباحها له في الأسارى، وجعل الخيار والنظر فيها إليه حتى قبضه الله
(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٢٨.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٢/ ٤١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٢٨، "تفسير البغوي" ٧/ ٢٧٨.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٤١، "تفسير البغوي" ٧/ ٢٨٧.
(٤) انظر: "الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز" لأبي عبيد ص ٢١١.
(٥) كذا رسمها في الأصل ووردت كذلك في إحدى نسخ كتاب "الوسيط" للمؤلف وعند أبي عبيد بلفظ: (وذلك أنه كان عاملًا بالآبات كلها من القتل والفداء والمن حتى توفاه الله). ص ٢١١.