٥ - ﴿سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾ ينقض هذا القول، فإن ابن عباس قال: سيهديهم إلى أرشد الأمور ويعصمهم أيام حياتهم في الدنيا (١)، وهذا لا يحسن وصف المقتولين، وحمل أبو إسحاق إصلاح البال في الموضعين من هذه السورة على إصلاح أمر المعاش وحال الدنيا، وقال: أراد أنه يجمع له خير الدنيا والآخرة، واحتج بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ [المائدة: ٦٦] إلى قوله: ﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ وبقوله: ﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾ [نوح: ١١] إلى قوله: ﴿أَنْهَارًا﴾ (٢) ويمكن أن يقال على قول قتادة ومقاتل [يعني (٣)] الآية: سيهديهم إلى طريق الجنة ويصلح بالهم، وحالهم في الآخرة بإرضاء خصومهم وقبول أعمالهم وما شاكل ذلك.
٦ - وقوله: ﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ قال ابن عباس في رواية أبي صالح: إذا دخلوا الجنة حياهم الله بما يحيون به، وأعطاهم ما أعطاهم، ثم يقال لهم تفرقوا إلى منازلكم فيتفرقون إليها، فلهُم أعرفُ بمنازلهم من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم (٤).
وقال مجاهد: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون، كأنهم
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٧.
(٣) في الأصل كتبت (يعني) ولعل الصواب (معنى).
(٤) أخرج الطبري عن مجاهد وابن زيد نحو هذه الرواية. انظر: "تفسيره" ١٣/ ٢/ ٤٤، وكذلك ذكر نحوه البغوي ونسبه لأكثر المفسرين. انظر: "تفسيره" ٧/ ٢٨٠، وكذلك ذكره القرطبي في "الجامع" ١٦/ ٣٢١ ولم ينسبه، وذكره في "الوسيط " ولم ينسبه انظر: ٤/ ١٢١.