١٨ - قوله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ وتفسير هذا قد تقدَّم في آي كثيرة [الحج: ٥٥، الزخرف: ٦٦]، قال أبو إسحاق: موضع أن نصب على البدل من الساعة، المعنى: فهل ينظرون إلا أن تأتيهم بغتة، وهذا من البدل المشتمل على الأول في المعنى (١). ونحو هذا ذكر الفراء (٢) والكسائي (٣) وزاد المبرد بياناً فقال: (أن تأتيهم) بدل من الساعة والتقدير: فهل ينظرون إلا الساعة إتيانها بغتة، فإذا نحيت الساعة صار المعنى: فهل ينظرون إلا إتيان الساعة بغتة، وهذا كقوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢١٧] أي عن قتال في الشهر الحرام ومثله: ﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ﴾ [الفتح: ٢٥] إنما هو لولا أن تطؤوهم.
قوله تعالى: ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ قال أبو عبيد: قال الأصمعي: هي علاماتها، قال: ومنه الاشتراط الذي يشترط الناس بعضهم على بعض، إنما هي علامات يجعلونها بينهم قال: ولهذا سميت الشُّرط لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها.
قال أبو عبيد: وقال غيره في بيت (٤) أوس بن حجر:

فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهْوَ مُعْصِمٌ وأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وتَوكَّلا (٥)
هو من هذا أيضًا، يريد أنه جعل نفسه علماً لهذا الأمر.
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١١.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٦١.
(٣) لم أقف على قولي الكسائي والمبرد.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (شرط) ١١/ ٣٠٩، "اللسان" (يشترط) ٧/ ٣٣٠.
(٥) انظر: المرجعين السابقين، "الدر المصون" ٦/ ١٥٢.


الصفحة التالية
Icon