فحذفت النون وكسرت اللام، فأشبهت في اللفظ لام كي (١) فنصبوا كما نصبوا بلام كي، واحتج بأن العرب تقول في التعجب: أطرف بزيد، فيجزمونه لشبهه بلفظ الأمر، قال ابن الأنباري: هذا الذي قاله أبو حاتم غلط، لأن لام القسم لا تكسر ولا ينصب بها، ولو جاز أن يكون معنى (ليغفر): ليغفرن، لقلنا: ليقوم زيد بتأويل: والله ليقومن، وهذا معدوم في كلام العرب، وليس هذا بمنزلة: أطرف بزيد؛ لأن التعجب عدل به إلى لفظ الأمر، ولام القسم لم توجد مكسورة قط (٢).
ثم قال: سألت أبا العباس عن اللام في قوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ﴾ فقال هي لام كي معناها: إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة [كا] (٣) تمام النعمة في الفتح، فلما انضم إلى المغفرة شيء حادث واقع حسن معنى كي (٤)، وقال ابن جرير وصاحب النظم: هذا مقتص من قوله: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ﴾ [النصر: ٣] أعلمه أنه إذا جاءه الفتح واستغفر غفر له (٥)، والقول ما قال أبو العباس.
وقوله: ﴿مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر﴾ قال مقاتل: يعني ما كان في الجاهلية وما تأخر بعد النبوة (٦).

(١) أورد ذلك الثعلبي في "تفسيره" ١٠/ ١٣٣ ب، وانظر: "تفسير الوسيط" ٤/ ١٣٤، "الدر المصون" ٦/ ١٥٩.
(٢) أورد ذلك القرطبي في "الجامع" ١٦/ ٢٦٢، والشوكاني في "فتح القدير" ٥/ ٤٤.
(٣) كذا في الأصل زيادة (كما) وليس لها معنى.
(٤) ذكره بنصه ابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٤٢٣، والمؤلف في "الوسيط" ٤/ ١٣٤.
(٥) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٣/ ٦٨، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ٣٣٣ أ.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٦٦.


الصفحة التالية
Icon