إليها قال هؤلاء المخلفون (١) ﴿ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾.
قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾ وقرئ: (كَلِمَ الله) (٢)، والكلام مصدر، والكَلِمْ: جمع كلمة، وكلاهما ورد به التنزيل، وهو قوله: ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦] وقوله: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ [المائدة: ٤١] قال ابن عباس: يريد مواعبد الله لأن الله تعالى جعل خيبر لأهل الحديبية خاصة (٣) لم يجعل لأحد من الناس فيها شيئاً إلا لمن تخلف عنها لعذر.
وقال مقاتل: يعني: يغيروا كلام الله الذي أمر الله النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا يسير معه منهم أحد (٤)، قال أبو إسحاق: يعني بقوله: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) قول -عز وجل-: ﴿فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ [التوبة: ٨٣] فأرادوا أن يأتوا بما ينقض هذا، فأعلم الله عز وجل أنهم لا يفعلون ولا يقدرون على ذلك (٥) فقال الله تعالى: ﴿قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ﴾ قال ابن عباس: يريد: في الحديبية (٦)، وقال مقاتل: يعني: هكذا قال الله بالحديبية من قبل خيبر أن لا تتبعونا (٧).
(٢) قرأ حمزة والكسائي: (كَلِمَ)، وقرأ الباقون: (كلام)، انظر: "الحجة" ٦/ ٢٠٢، و"التذكرة في القراءات" ٢/ ٦٨٧.
(٣) ذكر ذلك ابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٤٣٠.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٢.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٢٤، لكن بلفظ: (لا يعقلون) بدل: (لا يفعلون).
(٦) معنى هذا القول عند الطبري منسوبًا لقتادة، انظر: "تفسيره" ١٣/ ٨١، وعند البغوي غير منسوب ٧/ ٣٠٢.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٢.