وقال غيره: من قبل مرجعنا إليكم، أخبرنا الله أن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية (١)، فعلي هذا القول الذي ذكرنا يعني: قال الله تعالى من قبل ما سبق من وعده بالغنيمة لأهل الحديبية.
وقال الكلبي: لما قالوا لهم: لن تتبعونا، قالوا: والله ما أمركم الله بذلك وما بكم إلا الحسد (٢)، فقال لهم المؤمنون: كذلكم قال الله لنا حين انصرفنا من الحديبية، إنهم سيقولون لكم إذا لم تأذنوا لهم إلى خيبر: إن بكم إلا الحسد كما قلتم لنا فهو بمعنى قوله: ﴿كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ﴾ واختار الفراء هذا القول، فقال: إنهم قالوا لرسول الله: ذرنا نتبعك، قال: نعم على أن لا نسهم لكم، فإن خرجتم على ذا فاخرجوا، فقالوا للمسلمين: كذلكم (٣) قال الله من قبل تقولون قد أخبرنا بما تقولون قبل أن تقولوه، وعلى هذا معنى قوله: (كذلكم قال الله من قبل).
قوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا﴾ والأول أظهر لأن ذكر الحسد لم يتقدم طى قوله: (كذلكم قال الله)، وإنما ذكر بعد، قال مقاتل: يقولون: يمنعكم الحسد من أن نصيب معكم الغنائم (٤) فقال الله: ﴿بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ﴾ أي: لا يعلمون عن الله ما لهم وعليهم من أمر الدين ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ قال الكلبي:
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ص ٥١٢.
(٣) العبارة فيها تصحيف، ونصها عند الفراء في "المعاني" ٣/ ٦٦: (فقالوا للمسلمين: ما هذا لكم ما فعلتموه بنا إلا حسدًا؟ قال المسلمون: كذلكم قال الله لنا من قبل أن تقولوا).
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٢.