أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} قال ابن عباس: يريد: أيدي أهل مكة، وذلك أن المشركين جاءوا يصدون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البيت وعليهم عكرمة ابن أبي جهل، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد إليه ومعه خيل المسلمين فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، وكان يومئذ بينهم قتال بالحجارة، وهذا قول ابن عباس في رواية عكرمة وعطاء والكلبي (١)، ونحو هذا قال مقاتل قال: كانوا قد خرجوا يقاتلون النبي -صلى الله عليه وسلم- فهزمهم بالطعن والنبل، حتى أدخلهم بيوت مكة (٢)، فمعنى قوله: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾: يعني: حتى لم تقتلوا منهم ببطن مكة، قال عطاء: يريد: الحديبية (٣).
وقال مقاتل: يعني: ببطن أرض مكة كلها، والحرم كله مكة (٤).
وقال الكلبي: يعني: جوف مكة، وبكة الأرض التي فيها البيت، ومكة التي فيها الحديبية اسم الأرض، هذا كلامه (٥)، والحديبية: من الحل (٦)،
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٥.
(٣) أخرج الطبري ١٣/ ٩٤ عن قتادة، قال: بطن مكة الحديبية، ونسب ابن الجوزي ٧/ ٤٣٨ هذا القول لأنس، وأورده القرطبي ١٦/ ٢٨٢ ولم ينسبه.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٥
(٥) ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" أن بكة المسجد والبيت، ومكة: اسم للحرم كله، قاله الزهري وضمرة بن حبيب، انظر: "زاد المسير" ١/ ٤٢٥.
وذكره القرطبي في "الجامع" أن بكة: موضع البيت، ومكة سائر البلد، عن مالك ابن أنس، وقال محمد بن شهاب: بكة المسجد، ومكة الحرم كله تدخل فيه البيوت، قال مجاهد: بكة هي مكة فالميم على هذا مبدلة من الباء، كما قالوا: طين لازِبٌ ولازم، وقال الضحاك والمؤرج، انظر: "الجامع" ٤/ ١٣٨.
(٦) قال الشافعي في "الأم" ٢/ ٢١٨: ونحر -صلى الله عليه وسلم- في الحل، وقد قيل في الحرم، وإنما =