حمية، أي أنفاً وغضباً، منه لرجل حمي لا يحتمل الضيم، وحمي الأنف (١).
قال المبرد: الحمية الأنفة والإنكار، فإذا كانت مما لا يوقف من مثله فهو ضلالة وعلو، كما قال تعالى: ﴿حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ وإذا كانت لما يجب أن يوقف منه فصاحبها محمود.
قال الفراء: حموا أنفاً أن يدخلها عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢).
قال المقاتلان: قال أهل مكة: قد قتلوا أبناءنا وإخواننا ويدخلون علينا في منازلنا ونسائنا، وتحدث العرب أنهم قد دخلوا علينا على رغم أنفنا، واللات والعزى لا يدخلونها علينا -يعنون محمداً وأصحابه- فهذه الحمية الجاهلية التي دخلت قلوبهم (٣).
وقال الزهري: كانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم (٤). وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء، وذلك أن سهيل بن عمرو كان عند النبي صلى -صلى الله عليه وسلم- وهو يملي كتاب الصلح، وسهيل مشرك فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلي: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال سهيل: لا ندري ما الرحمن، ولكن اكتب: بسمك اللهم. ثم قال:

(١) انظر: "العين" (حمى) ٣/ ٣١٢، "تهذيب اللغة" (حمى) ٥/ ٢٧٤ لكن بلفظ (أنفًا وغيظًا) بدل غضبًا.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٦٨. ولم أقف على قول المبرد.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٥، ٧٦، وأورد السمرقندي ٣/ ٢٨٥ هذا القول ولم ينسبه، وذكره البغوي ٧/ ٣٢١ ونسبه لمقاتل، وأورده ابن الجوزي في "زاد المسير" ولم ينسبه ٧/ ٤٤١، ونسبه في "الوسيط" ٤/ ١٣ للمقاتلان.
(٤) أخرج ذلك الطبري١٣/ ١٠٣ عن الزهري. وأورده الثعلبي ولم ينسبه ١٠/ ١٥١ ب، ونسبه للزهري: الماوردي ٥/ ٣٢٠، والقرطبي ١٦/ ٢٨٨، ٢٨٩.


الصفحة التالية
Icon