قوله: ﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ يقال: استغلظ الشيء، إذا صار غليظاً، وهذا لازم، واستغلظت الثوب، إذا خيّل إليك أنه غليظ (١) واقع، واستغلظ النبات والشجر إذا غلظ، قوله: ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ ذكرنا تفسير السوق عند قوله: ﴿فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾ [ص: ٣٣] وهي جمع ساق، قال الكلبي: فقام على قصبه وأصوله فأعجب ذلك زارعه (٢) وهو قوله: ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾، وقال مقاتل: يعجب الزارع حُسْنُ زرعه حين استوى قائماً على ساقه (٣).
قال المفسرون: وهذا كله مثل ضربه الله تعالى لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فالزرع محمد، والشطأ أصحابه والمؤمنون حوله، وكانوا في ضعف وقلة (٤)، كان أول الزرع دقيقاً ثم غلظ وقوي وتلاحق، كذلك المؤمنون يقوي بعضهم بعضاً حتى يستغلظوا ويستووا على أمرهم، كما استغلظ هذا الزرع واستوى على سوقه، وهذا قول مقاتل (٥).
وقال الكلبي: محمد -صلى الله عليه وسلم- بدأ حين بدأ وحْدَه، فجعل الناس يأتونه وجعلوا يزدادون ويكثرون حتى امتنعوا وهابهم العدو وقهروا من حولهم (٦).
(٢) لم أقف عليه بهذا النص، وقد ذكر الثعلبي أنه بمعنى أصوله ولم ينسبه ١٠/ ١٥٤ ب، وكذا البغوي ٧/ ٣٢٥، وذكره في "الوسيط" ٤/ ١٤٧ بنص ما هنا ولم ينسبه.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٨.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ١١٥، "تفسير الثعلبي" ١٠/ ١٥٤ ب، "تفسير الماوردي" ٥/ ٣٢٤، "تفسير البغوي" ٧/ ٣٢٥، "زاد المسير" ٧/ ٤٤٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٢٩٥.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٨.
(٦) ذكر نحو ذلك في "تنوير المقباس" ص ٥١٥، وفي "تفسير الوسيط" ٤/ ١٤٧ ولم ينسبه.