عن ابن عباس: لما نزل قوله: ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ تألَّى أبو بكر ألا يكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا كأخي السرار، فأنزل الله تعالى في أبي بكر: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ﴾ (١) ونحو هذا روي لنا عن أبي هريرة (٢).
وقال ابن الزبير: ما حدث عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد قوله: ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- كلامه حتى يستفهمه بما يخفض صوته فأنزل الله فيه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ﴾ (٣).
والغض: النقص من كل شيء، ومنه غض البصر وغض الصوت (٤). قال الله تعالى: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ [لقمان: ١٩]، قال مقاتل: يخفضون كلامهم عند رسول الله (٥)، قال ابن عباس: يريد أبا بكر (٦).
قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾ قال مقاتل

(١) ذكر ذلك الهيثمي في "مجمع الزوائد" وقال رواه البزار وفيه حصين بن عمر الأحمسي وهو متروك، وقد وثقه العجلي، وبقية رجاله رجال الصحيح، انظر: "مجمع الزوائد" ٧/ ١٠٨، وذكره الماوردي ٥/ ٣٢٦، البغوي ٤/ ٣٣٦، والقرطبي ١٦/ ٣٠٨، وذكره في "الوسيط" ٤/ ١٥١.
(٢) أخرج ذلك الثعلبي ١٠/ ١٥٩ أعن أبي هريرة وأخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. انظر: "المستدرك" -كتاب التفسير- سورة الحجرات ٢/ ٤٦٢، وذكره البغوي في "تفسيره" ٧/ ٣٣٦.
(٣) أخرج ذلك البخاري في "تفسيره". انظر: "صحيح البخاري" كتاب: التفسير ٦/ ٤٦، وذكر ذلك الثعلبي في "تفسيره" عن ابن الزبير ١٠/ ١٥٩ أ، البغوي في "تفسيره" ٧/ ٣٣٧، وذكره القرطبي في "الجامع" ١٦/ ٣٠٨، ولا مانع من نزول الآية في جميع من ذكر لما اتحد فعلهم.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (غض) ١٦/ ٣٦، "اللسان" (غضض) ٧/ ١٩٧.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٠.
(٦) انظر: "تفسير الوسيط" ٤/ ١٥١.


الصفحة التالية
Icon