١١ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ الآية، قال مقاتل: يقول: لا يستهزئ الرجل من أخيه فيقول: إنك رديء المعيشة، لئيم الحسب، وأشباه ذلك بما يتنقصه به، ولعله خير منه عند الله (١)، وهو قوله: ﴿عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ ونحو هذا قال مجاهد (٢)، والقوم: الرجال دون النساء، قاله الليث (٣) وأبو العباس (٤)، وأنشد الليث قول زهير:

وما أَدْرِي وسَوْفَ إِخالُ أدْرِي أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أم نِساءُ (٥)
وعلى هذا تدل الآية لأن الله تعالى فصل بينهما فذكر الرجال بلفظ القوم، ثم ذكر النساء فقال: ﴿وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ يعني اللمز في اللغة: العيب (٦)، ذكرنا ذلك عند قوله: ﴿يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ [التوبة: ٥٨]، قال ابن عباس والمفسرون كلهم: لا يطعن بعضكم على بعض (٧) والمعنى: لا تلمزوا إخوانكم الذين هم كأنفسكم كما قال: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤]، ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، وقد مر.
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ التنابز: تفاعل من النبز، وهو
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٤.
(٢) أخرجه الطبري ١٣/ ١٣١ عن مجاهد، وانظر: "تفسير مجاهد" ص ٦١١.
(٣) انظر كتاب: العين (قوم) ٥/ ٢٣١، "تهذيب اللغة" (قوم) ٩/ ٣٥٦.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" (قوم) ٩/ ٣٥٦، "اللسان" (قوم) ١٢/ ٥٠٥.
(٥) انظر: "ديوان زهير" ص ٧٣، و"العين" (قوم) ٥/ ٢٣١، "تهذيب اللغة" (قام) ٩/ ٣٥٦، "اللسان" (قوم) ١٢/ ٥٠٥.
(٦) انظر: "تهذيب اللغة" (لمز) ١٣/ ٢٢٠.
(٧) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ١٣٢ عن ابن عباس، ونسبه الماوردي ٥/ ٣٣٢ لابن عباس ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير، وأيضًا نسبه إلى هؤلاء القرطبي ١٦/ ٣٢٧.


الصفحة التالية
Icon