وقال يحيى بن أبي كثير: التجسس البحث عن باطن أمور الناس، وأكثر ما يقال ذلك في الشر (١)، قال المقاتلان: يقول لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطلع عليه إذ ستره الله عليه (٢)، وهذا معنى قول ابن عباس: يريد: لا تجسسوا من عيوب الناس (٣)، وقال مجاهد: يقول: خذوا ما ظهر ودعوا ما ستره الله (٤).
قوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ يقال: اغتاب فلان فلاناً اغتياباً وغيبة يغتابه، قال الأزهري: وروي عن بعضهم أنه سمع: غابه يغيبه، إذا عابه وذكر منه ما يسوؤه مما هو فيه (٥)، وإذا تناوله بما ليس فيه فهو بهت وبهتان، وهذا قول جميع المفسرين (٦).
وروي ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من ذكر رجلاً بما فيه فقد اغتابه، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته" (٧).

(١) ورد هذا القول في "اللسان" غير منسوب، انظر: "اللسان" (جسس) ٦/ ٣٨، وأورد نحوه ابن الجوزي في "زاد المسير" منسوبًا ليحيى بن أبي كثير ٧/ ٤٧١.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٦، وذكر هذا المعنى في "الوسيط" ٤/ ١٥٦ ولم ينسبه.
(٣) أخرج ذلك الطبري ١٣/ ١٣٥ عن ابن عباس.
(٤) أخرج ذلك الطبري عن مجاهد.
(٥) انظر: "تهذيب اللغة" (غيب) ٨/ ٢١٥.
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ١٣٥، "الثعلبي" ١٠/ ١٦٨ أ، "الماوردي" ٥/ ٣٣٤، "زاد المسير" ٧/ ٤٧١، "القرطبى" ١٦/ ٣٣٤، "تفسير الوسيط" ٤/ ١٥٦.
(٧) أخرج ذلك مسلم عن أبي هريرة بلفظ: "أتدرون ما الغيبة؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "ذكرك أخاك بما يكره"، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته". انظر: صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب، باب (٢٠) تحريم الغيبة ٣/ ٢٠٠١، وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة، انظر: "سنن الترمذي" كتاب: البر والصلة باب (٢٣) ما =


الصفحة التالية
Icon