قال مقاتل: ثم ضرب للغيبة مثلاً فقال: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا﴾ بقوله، فكما كرهتم أكل لحم الميت، فكذلك فاكرهوا الغيبة لإخوانكم (١).
وقال أبو إسحاق: تأويله: إن ذِكْرَكَ بسوء من لم يحضرك بمنزلة أكل لحمه وهو ميت لا يحيى بذلك، ويقال للمغتاب: فلان يأكل لحوم الناس (٢).
وهذا استفهام معناه: التقرير، كأنه قيل لهم: لم تحبون أكل لحم أخيكم ميتاً؟ وعطف قوله (فكرهتموه) على معنى لفظ الاستفهام (٣)، كما قال: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ [الشرح: ١، ٢] فقوله: ﴿وَوَضَعْنَا﴾: عطف على معنى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ لا على لفظه، ألا ترى أنه لا يقال: ألم وضعنا، ولكن معنى (ألم نشرح) لا على لفظه ولكن معنى (ألم نشرح) قد شرحنا، فعطف على معناه، كذلك هذه الآية، قاله المبرد (٤) وقال الفراء: قوله: فكرهتموه أي: فقد كرهتموه فلا تفعلوه (٥).
قال صاحب "النظم": التأويل: أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٩٦.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٣٧.
(٣) انظر: "روح المعاني" للألوسي ٢٦/ ١٥٨.
(٤) لم أقف عليه، وقد ذكر قريبًا من هذا النحاس في "إعراب القرآن" ٤/ ٢١٥.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٧٣.