بأحواله وما يثبت عليه الملكان فلا يحتاج إلى الملكين ليخبراه، ولكنهما وكِّلا به إلزامًا للحجة وتوكيدًا للأمر عليه. والتلقِّي معناه: التلقن (١) والأخذ. ذكرنا ذلك عند قوله: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: ٣٧] (٢) ومفعول التلقي محذوف وتقديره: يتلقى المتلقيان ألفاظه وأفعاله. ودل علي هذا قوله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ﴾ الآية.
قال مقاتل في هذه الآية: يعني الملكين يتلقيان عمل ابن آدم ومنطقه (٣).
قوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ قعيدا كلِّ إنسان حافظاه، وهما الملكان الموكَّلان به، قال ابن قتيبة: قعيد بمنزلة قاعد. مثل: قدير وقادر، وقد يكون بمنزلة: أكيل وشريب (٤). فيكون القعيد بمعنى القاعد، وأصل هذا من القعود، ثم صار اسمًا للملازم للإنسان في كل حال من القيام والقعود والمشي والاضطجاع. ولهذا كانت العرب تطلق هذا الاسم تريد به الله تعالى، على معنى أن الله مع العبد بالعلم أينما كان فيقول: قَعْدَكَ الله وقعيدَك الله، بمنزلة نشدتك الله. وأنشد أبو الهيثم فقال:
(٢) عند تفسيره لآية (٣٧) من سورة البقرة، ومما قال: والتلقي في اللغة معناه الاستقبال.. ومنه الحديث: أنه نهى عن تلقي الركبان. قالوا معناه الاستقبال. وتفسير التلقي بالتلقن جائز صحيح وليس من لفظه.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" ١٢٤ ب.
(٤) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ٤١٨.