ينقص، لأني أعلم كيف ضلوا وكيف أضللتموهم (١). وهذا القول كأنه أظهر؛ لأنه قال (القول لديّ) ولم يقل (قولي) (٢). وهذا كما يقال: لا تكذب عندي. ولو قال قائل: لا يغير القول لديّ، فهم من كلامه أنه يقول: لا يكذب عندي بل يؤدي القول عندي على وجهه.
٣٠ - قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ﴾ قال أبو إسحاق: نصب ﴿يَوْمَ﴾ على وجهين:
على معنى: ما يبدل القول لديّ في ذلك اليوم.
وعلى معنى: أنذرهم يوم نقول، كما قال: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ (٣).
وقرأ نافع: (يقول) بالياء على معنى: يقول الله. وقراءة العامة (٤) أشبه بما قبله من قوله: ﴿وَقَدْ قَدَّمْتُ﴾ وقوله: ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ والنون في المعنى مثل: أقول، فهو أشبه بما قبله (٥).
وقوله: ﴿هَلِ امْتَلَأْتِ﴾ قال جماعة علماء التأويل (٦): الله تعالى عالم هل امتلأت أم لا، وسؤالها عن امتلائها توبيخ لمن أُدْخِلها، ودلالة على صدق قوله: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ أراها الله تعالى تصديق قوله: ﴿لَأَمْلَأَنَّ﴾ فلما امتلأت قال لها: ﴿هَلِ امْتَلَأْتِ﴾، قال أبو إسحاق: ووجه مخاطبتها جعل
(٢) ذكره الشوكاني، ثم قال: والأول أولى، "فتح القدير" ٥/ ٧٧.
(٣) من آية (٣٩) من سورة مريم. وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٤٦.
(٤) قرأ نافع وأبو بكر (يقول) بالياء. وقرأ الباقون (نقول) بالنون. انظر: "حجة القراءات" ص ٦٧٨، "النشر" ٢/ ٣٧٦، "الإتحاف" ص ٣٩٨.
(٥) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٢١٣.
(٦) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٣٨، "جامع البيان" ٢٦/ ١٠٥، "القرطبي" ١٧/ ١٨.