مضافًا إلى صفة للنكرة، لأن مثلاً لا تختص بالإضافة لكثرة الأشياء التي يقع التماثل بها، فلما لم تخصه الإضافة ولم يزُل عنه الإيهام والشياع الذي كان فيه قبل الإضافة بقي على تنكيره فقالوا: مررت برجل مثلك، فكذلك في الآية لم يتعرف بالإضافة إلى ﴿أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ وإن كان قوله: ﴿أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ بمنزلة نطقكم (١). وأمَّا في قوله: ﴿مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ﴾ فقال الفراء: العرب تجمعُ بين الشيئين من الأسماء والأدوات إذا اختلف لفظهما كقول الشاعر:
ما إنْ رأيتُ ولا سَمِعْتُ به (٢)
فجمع بين ما وإن وهما (٣) جحدان، أحدهما يجزي عن الآخر (٤)، فعلى هذا القول (ما) مع الفعل بمنزلة المصدر، وكذلك ﴿أَن﴾ فكأنه قيل: مثل نطقكم. وقال المبرد: ﴿مَا﴾ زائدة. وبه قال أبو علي -وأبى أن تكون التي بمنزلة أن مع الفعل فتكون مصدرًا- وقال: لأنه لا فعل معها، والتي تكون مع الفعل بمنزلة اسم المصدر تكون مقرونة مع الفعل كقوله: ﴿فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [الأعراف: ٥١] (٥) والمعنى: فاليوم ننساهم نسيانًا كنسيان يومهم هذا، ولكونهم
(٢) البيت لدريد بن الصمة يصف الخنساء، وقد رآها تهنأ بعيرًا أجرب وتمام البيت:
كاليوم طالي أيْنقُ جُرْب
انظر: "ديوان دريد بن الصمة" ص ٣٤، "شرح شواهد المغني" ٢/ ٩٥٥، "شرح المفصل" ٥/ ٨٢، "مغني اللبيب" ص ٦٧٩.
(٣) (ك): (وإنهما).
(٤) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٨٥.
(٥) انظر: "المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات" ص ٣٣٤.