والسرياني، فما نقل منه إلى العربية صار عربيًا بالتصيير والنقل.
٤ - قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ﴾ يعني: القرآن ﴿فِي أُمِّ الْكِتَابِ﴾ قال ابن عباس: في اللوخ المحفوظ (١). ﴿لَدَيْنَا﴾ يريد: الذي عندنا، قال مقاتل: يقول فإن نُسْخته في أم الكتاب، يعني: اللوح المحفوظ (٢).
وقال أبو إسحاق: ﴿أُمِّ الْكِتَابِ﴾ أصل الكتاب، وأصلُ كلِّ شيء أمُّه، والقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ، والدليل على ذلك: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)﴾ (٣) [البروج: ٢١ - ٢٢].
وقال عبد الرحمن بن سابط: كلُّ شيء كائن إلى يوم القيامة مكتوب في أم الكتاب (٤).

= ألفاظ من القرآن إنها بالفارسية والحبشية والنبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد، وذهب آخرون إلى وقوعه فيه وأجابوا عن قوله تعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ بأن الكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربياً والقصيدة الفارسية لا تخرج عنها بلفظة فيها عربية. وعن قوله تعالى: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ بأن المعنى من السياق: أكلام أعجمي ومخاطب عربي، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام بعد أن حكى القول بالوقوع عن الفقهاء والمنع عن أهل العربية: والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعاً، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق ومن قال عجمية فصادق، ومال إلى هذا القول الجواليقي، وابن الجوزي، وآخرون. انظر: "الإتقان" للسيوطي ١/ ٣٦٦ - ٣٦٩.
(١) ذكر ذلك الثعلبي ١٠/ ٧٨ ب، والبغوي ٧/ ٢٠٥، والقرطبي ١٦/ ٦٢ ولم ينسبوه.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٨٩.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٠٥.
(٤) انظر: "الدر المنثور" ٧/ ٣٦٦.


الصفحة التالية
Icon