قوله: ﴿لَدَيْنَا﴾ يجوز أن يكون من صفة أم الكتاب، كما ذكره ابن عباس (١)، ويجوز أن يكون المعنى: وإنه لدينا في أم الكتاب. ﴿لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ قال قتادة: أخبر عن منزلته وفضله وشرفه (٢)، أي: إن كَذَّبتم به يا أهل مكة فإنه عندنا رفيع، شريف، محكم من الباطل، قاله المفسرون (٣).
وقال أهل المعاني: العلي في البلاغة المظهر ما بالخلق إليه حاجة (٤) في أحسن البيان، جهله من جهله، وعلمه من علمه.
٥ - قوله تعالى: ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾ قال الفراء (٥) والزجاج (٦): يقال: ضربت عنه وأضربت عنه، أي: تركته وأمسكت عنه. وقوله: (صفحًا). قال ابن قتيبة: أي: إعراضًا، يقال: صَفَحْت عن فلان، إذا أعرضت عنه، والأصل في ذلك أنك موليه صَفْحةَ عنقك. قال كُثيِّر يذكر امرأةً صفوحًا:

صفُوحًا فَما تَلْقَاكَ إلا بَخِيلَةً فَمنْ مَلَّ مِنْها ذَلِك الوَصْلَ مَلَّتِ
أي: معرضة بوجهها (٧).
وقال أبو علي: وانتصاب (صفحًا) من باب: (صُنْعَ الله) لأن قوله: (أفنضرب عنكم الذكر) يدل على أصفح عنكم صفحًا (٨)، واختلفوا في
(١) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٤٨، "تفسير ابن كثير" ٦/ ٢١٦.
(٢) أخرج ذلك الطبري عن قتادة، انظر: "تفسيره" ١٣/ ٤٩، "تفسير الوسيط" ٤/ ٦٣.
(٣) انظر: "تفسير البغوي" ٧/ ٢٠٥، "تفسير الوسيط" ٤/ ٦٤.
(٤) انظر: "غرائب التفسير" للكرماني ٢/ ١٠٦٠.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٢٨.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٠٥.
(٧) إلى هنا انتهى ما نقله عن ابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ص ٣٩٥.
(٨) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ١٣٨.


الصفحة التالية
Icon