قال الأزهري: أراد أنه حظر حظارًا رطبًا على حظار قديم قد يبس (١). والمعنى أنهم بادوا وهلكوا فصاروا كيابس الشجر إذا تحطم. وقال عطاء عن ابن عباس: يريد مثل القمح الذي قد يبس وهشم (٢). وعلى هذا المحتظر الذي يتخذ حظيرة على زرعه، والهشيم فتات السنبل وقصب القمح إذا ديس. وذكر في الآية قولان فاسدان.
أحدهما: كالتراب الذي يتناثر من الحائط (٣)، وذلك لا يسمى هشيماً. والآخر: كالعظام المحترقة (٤)، وهذا بعيد.
٣٤ - قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا﴾ معنى الحصب في اللغة الرمي، ذكرنا ذلك في قوله: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء: ٩]، والحاصب الرامي، ويكون الذي يرمى به، قال النضر: الحاصب الحصباء في الريح، كان يومنا ذا حاصب، وريح حاصبةٌ وحَصِبَة فيها حصباء، قال ذو الرمة:
حَفيِفُ نافجةٍ عُثْنونُها حَصِب (٥)
وقال أبو عبيدة: الحاصب الحجارة، وقد تكون من الجليد، وأنشد
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢٤٣.
(٣) قاله سعيد بن جُبير. انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ٦١، انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٢٧ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٦٢.
(٤) قاله قتادة انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٥٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٤٢.
(٥) انظر: "ديوان ذي الرمة" ١/ ١٢٦، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٢٦١، و"اللسان" ١/ ٦٤٩ (حصب) وصدر البيت:
يَرْقُدُ في ظِلَّ عراض ويَطْرُدُهُ
والنافجة: كل ريح تبدأ بشدة،: وقيل أول كل يح تبدأ بشدة. "اللسان" ٣/ ٦٨٣ (نفج).