الأنباري.
وقال صاحب النظم: خاطب الجن مع الإنس، وإن لم يجر لهم ذكر كما أن يكنى عن الشيء، وإن لم يجر له ذكر كقوله تعالى ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ (١).
وذكر الأزهري قولين آخرين: أحدهما: أنه قد جرى ذكر الأنام وهحناه الجن والإنس، والثاني: أن الله تعالى خاطبهما قبل ذكرهما ثم ذكرهما معا بعقب الخطاب، وهو قوله: ﴿أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ كما قال المثقب العبدي (٢):

وما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي هو يبتغيني
فقال أيهما، ولم يجر للشر ذكر إلا بعد تمام البيت الثاني (٣).
وهذا الوجه معنى قول أبي عبيدة والكسائي (٤).
وأما معنى تكرير هذه الآية في هذه السورة فقال أصحاب المعاني: معنى التكرير التقرير بالنعمة عند ذكرها على التفصيل نعمة نعمة، كأنه قيل: بأي هذه الآلاء تكذبان، ثم ذكرت آلاء أخر، واقتضت من التقرير بها ما اقتضت الأولى ليتأمل كل واحدة في نفسها وفيما تقتضيه صفتها وحقيقتها التي تنفصل بها من غيرها.
(١) من آية (٣٢) من سورة ص، وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١٥٨.
(٢) هو عائذ بن محصن بن ثعلبة، أبو عَدِيّ الملقب المثقَّب. من بني نُكْرَة. تقدمت ترجمته. والأبيات وردت في "مغني اللبيب" وشرح شواهده للسيوطي / ٦٩، و"شرح المفصل" ٩/ ١٣٨، و"المفضليات" ص ٢٩٢، و"شرح شواهد الشافعية" ص ١٨٨.
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٥٨ (نأم).
(٤) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٤٣.


الصفحة التالية
Icon