قوله: ﴿مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي من جوانبها ونواحيها. واحدها قطر وقتر (١).
وفي تفسير هذه الآية قولان، أحدهما: أن المعنى: إن استطعتم أن تهربوا من الموت بأن تخرجوا من أقطار السموات والأرض فاهربوا واخرجوا منها، والمعنى أنكم حيث ما كنتم أدرككم الموت، كما قال تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ﴾ [النساء: ٧٨] ولن تستطيعوا أن تهربوا من بالخروج من أقطار السموات والأرض، وهذا قول ابن مسعود ومقاتل، قال: إن استطعتم أن تنفذوا من أطراف السموات والأرض هرابًا من الموت فانفذوا ﴿لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ يقول: إلا بملكي حيث توجهتم فثم ملكي وأنا آخذكم بالموت (٢)، وهذا إخبار عن عجزهم عن النفوذ من الأقطار، وأنهم في قبضة الجبار الذي لا يفوته مطلوب أين ما كان.
ومعنى (السلطان) القوة التي يتسلط بها على الأمر، ثم الملك والقدرة والحجة كلها سلطان، يدل على أنه واحد.
القول الثاني: أن الله تعالى يأمر الملائكة يوم القيامة فتحف بأطراف السموات والأرض فيكونون على أطرافها وتحضر جهنم فيسمع الجن والإنس زفيرها فيندون فيقال لهم: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ الآية، فلا يستطيع شيطان ولا إنس ولا جن يخرج من أقطارها، والمعنى أن تنفذوا
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٣٦ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٧١، وأورده الطبري في "تفسيره" ٢٧/ ٨٠، وغيره عن الضحاك.