من أقطارها هاربين من العقاب، فانفذوا، وهذا أمر تعجيز على القولين، والقول الثاني هو قول الكلبي والضحاك (١)، ويدل على صحته قوله: ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾ في الخبر: "يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون: يا معشر الجن والإنس إن استطعتم، وذلك قوله تعالى:
٣٥ - ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ﴾ " (٢).
قال أبو عبيدة: الشواظ النار التي تأجج لا دخان فيها، وأنشد لرؤبة فقال:

إن لهم من وقعنا أقياظا نارَ حرب تُشعر الشواظا (٣)
وأنشد أيضًا لحسان:
هجرتك فاختضعت بذل نفسي بقافية تأجج كالشواظ (٤)
قال الليث: وهو قول جميع أهل اللغة: الشواظ اللهب الذي لا دخان معه.
قال ابن شميل: ويقال لحر النار شواظ، يقال: أصابني شواظ من
(١) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣١٧، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٧١.
(٢) كذا أورده الثعلبي بدون سند، انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ٤١ أ.
(٣) لم أجد البيت في "ديوانه"، وانظر: "مجاز القرآن" ٢/ ٢٤٤، و"جامع البيان" ٢٧/ ٨١، و"اللسان" ٢/ ٣٨٢، (شوظ) وأقياظ جمع: قيظ، وهو حميم الصيف، وهو من طلوع النجم إلى طلوع سهيل، والمراد بالنجم هنا الثريا.
"اللسان" ٣/ ٢٠٢، (قيظ).
(٤) انظر: "ديوان حسان" ١/ ١٩٣، وروايته:
مُجَلَّلَة تُغَمّمكمْ سناراً مضرمةً تأجج كالشواظ
وفي "سيرة ابن هشام" ١/ ٣٨٢ بدل قول المؤلف (هجرتك) قال (همزتك).


الصفحة التالية
Icon